في هذه المقالة، سنقوم بتسليط الضوء على بعض اتجاهات تجربة العملاء التي من المتوقع أن يكون لها تأثيرٌ كبير على رسم ملامح عام 2025 لضمان جاهزيتكم لها.
1. التخصيص الفائق عبر الذكاء الاصطناعي
يتجاوز التخصيص الفائق التصنيف الاعتيادي للعملاء إلى فئاتٍ عريضة. وفي العام 2025، من المؤكد أننا سنشهد تبنّي عددٍ متزايد من الشركات لتقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحليل البيانات التفصيلية مثل عادات الشراء وأنماط التصفح وحتى البيانات السياقية مثل الموقع والطقس. وسيسمح هذا المستوى المتعمق من الاطلاع للشركات التي تتمتع بالتكنولوجيا والخبرة المناسبة بجمع وتفسير واستخدام هذه الرؤى التفصيلية لتخصيص عروضها وتوصياتها على مستوى فردي للعملاء.
على سبيل المثال، قد تستخدم منصات التجارة الإلكترونية الذكاء الاصطناعي لإرسال خصومات مخصصة للعملاء أثناء تصفحهم للمنتجات في المتجر، أو قد تقدم شركات الطيران ترقيات مقاعد بناءاً على تفضيلات المسافرين الدائمين وسجل سفراتهم السابقة. وسيكمن مفتاح النجاح في ذلك في دمج البيانات من المصادر المختلفة مثل وسائل التواصل الاجتماعي وسجلات المعاملات وأجهزة إنترنت الأشياء لإنشاء ملفات تعريف متسقة للعملاء تساعد على تزويدهم بتجارب سلسة وجذابة تتوافق مع اهتماماتهم وتفضيلاتهم.
2. المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي
شهدت تقنية المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تطوراتٍ هائلة منذ ظهورها لتتحول من روبوتات دردشة بسيطة إلى أنظمة معقدة يمكنها التعامل مع المحادثات متعددة التفاعلات والتبديل بين السياقات وفهم الدلالات والإشارات الدقيقة للمشاعر البشرية. ونتوقع أن نرى خلال العام 2025 المزيد من الشركات التي تتجه لاستخدام موظفين افتراضيين مدعومين بالذكاء الاصطناعي لتحسين خدمة العملاء التقليدية في العديد من السيناريوهات، والتي ستعمل كأدواتٍ تفاعلية واستشارية في نفس الوقت.
كما أن من المتوقع أن تصبح تطبيقات الخدمات المصرفية التي تسهل طلبات القروض العقارية وقروض السيارات بقوائم آلية بسيطة، وكذلك عمليات الجمع والمعالجة السلسة للمستندات المطلوبة عبر واجهات برمجة تطبيقات متكاملة أكثر شيوعاً مع تزايد استعانة الشركات بهذه التقنيات الجديدة ومطالبة العملاء بإجراءات أسرع وأكثر دقة لطلب الخدمات. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن نشهد تبنٍّ أوسع للتقنيات الجديدة في مجال تحليل المشاعر والتي تمكّن الذكاء الاصطناعي من الكشف عن مشاعر الإحباط والارتباك وإعادة توجيه المحادثات إلى موظفين بشريين.
3. تجارب موحدة ومتعددة القنوات
ستصبح الاستراتيجيات متعددة القنوات أكثر تعقيداً مع قيام الشركات بدمج تدفقات البيانات اللحظية من مصادر مختلفة لإنشاء رحلات عملاء متسقة. وفي العام 2025، من المرجح جداً أن نشهد استمرار الاتجاهات الحالية حيث يتوقع العملاء أن تنعكس تفاعلاتهم عبر قناة معينة بشكلٍ فوري على القنوات الأخرى.
على سبيل المثال، يمكن للعميل أن يبدأ التسوق على تطبيق بائع تجزئة وحجز المنتجات ومن ثم التوجّه إلى متجر فعلي حيث يملك موظفو المبيعات إمكانية وصول فوري إلى سجل تصفح وتفضيلات العميل عبر الأجهزة المحمولة. ستسمح هذه التكنولوجيا للشركات بالاستفادة من أنظمة إدارة المخزون المتطورة وأدوات إدارة علاقات العملاء وبيانات تحديد الموقع الجغرافي لتقديم تجربة سلسة تتلاشى فيها الحدود الفاصلة بين التجارة التقليدية والرقمية أكثر يوماً بعد يوم.
4. الثقة كعامل تمييز للشركات

مع تزايد المخاوف المتعلقة بالخصوصية، ستصبح الثقة عاملاً محورياً في تجربة العملاء. ستحتاج الشركات إلى تجاوز الامتثال وتبنّي استراتيجيات شفافية استباقية. حيث يطالب العملاء اليوم بمزيدٍ من التحكم في بياناتهم الشخصية، بما في ذلك القدرة على مشاهدتها وتعديلها وحذفها عند الطلب.
من المرجح أن يتجنب العملاء التعامل مع الشركات التي لا تولي أهمية لخصوصية وأمان بياناتهم الشخصية. وفي المقابل، من المحتمل أن تشهد الشركات التي تنظر للثقة الرقمية كوسيلة لبناء الولاء بدلاً من مجرد متطلب للسلطات التنظيمية ارتفاعاً في قاعدة عملائها.
5. الاستدامة في تجربة العملاء
من المتوقع أن تبقى الاستدامة متطلباً أساسياً لكسب ولاء العملاء. في العام المقبل، ستحتاج الشركات إلى عرض جهودٍ ملموسة لخفض تأثيرها البيئي من خلال المبادرات الرقمية. كما سيتوقع العملاء ممارسات صديقة للبيئة مدمجة في كل نقطة اتصال في رحلة العميل.
على نحوٍ مماثل، سيستمر التحول بعيداً عن المستندات الورقية بوتيرة أسرع مع تقديم المؤسسات لكشوفات خالية من الورق وإيصالات رقمية ديناميكية وتغليف صديق للبيئة كمعيارٍ افتراضي.
6. التفاعل الاستباقي مع العملاء
سوف يسمح تزايد توظيف التحليلات التنبؤية للشركات بتوقع احتياجات العملاء بدقة غير مسبوقة في العام 2025. ومن الممكن اليوم بالفعل الاستفادة من البيانات للتنبؤ بالكثير من مشكلات خدمة العملاء وتقديم الحلول حتى قبل أن يدرك العملاء وجود مشكلة.
من الأمثلة الجيدة على ذلك نظام منزل ذكي يقوم بالكشف عن أي استهلاك غير اعتيادي للطاقة ويرسل إشعاراً يقترح إجراء فحص صيانة قبل وقوع الأعطال، أو مزودو خدمات الاتصالات الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي للتعرّف على أوقات انقطاعات الخدمة المحتملة ويقومون بتقديم خصومات أو حلولٍ بديلة للعملاء بشكلٍ استباقي.
7. توسيع خيارات الخدمة الذاتية
سوف تشهد أدوات الخدمة الذاتية انتشاراً أوسع وسهولة أكبر في الاستخدام في العام 2025، والذي سيسمح للعملاء بحل المشكلات المعقدة دون الحاجة إلى تدخل بشري. تستخدم هذه المنصات الذكاء الاصطناعي لتوفير دعم قائم على السياق، وتوجيه المستخدمين خلال عمليات استكشاف الأخطاء وإصلاحها وعمليات اتخاذ القرار خطوة بخطوة. ومع تجربة المزيد من العملاء لهذه الحلول وإدراكهم لفوائدها الكبيرة من حيث توفير الوقت وتسريع حل المشكلات، من المتوقع أن ينمو الإقبال والطلب عليها.
على سبيل المثال، نرى اليوم بالفعل بواباتٍ إلكترونية في قطاع الرعاية الصحية يمكن للمرضى من خلالها رفع السجلات الطبية، والتحقق الفوري من أهلية الحصول على الخدمات التأمينية، وحجز المواعيد، وتلقي الوصفات الطبية بأمان، كل ذلك من خلال تطبيقٍ واحد. ومن الجليّ أن هذا التوجه سيواصل نموه المتسارع خلال العام المقبل.
ملامح مستقبل تجربة العملاءإن مستقبل تجربة العملاء يتسم بالابتكار المستمر والتخصيص والثقة.
ستكون الشركات التي تتمتع بالمرونة الكافية لتبنّي الحلول والاتجاهات الجديدة والناشئة فور ظهورها قادرة على المنافسة في العام 2025 والسنوات القادمة. وأولئك الذين يفشلون في التكيّف معها يخاطرون بالتخلف عن الركب في مشهدٍ يزداد تنافسية يوماً بعد يوم.